مركز الإعلام

الأردن ما بعد كوفيد-١٩: كيف تأثرت مشاريع التنمية؟

1. برأيك واطلاعًا على تجارب مراجعينك ورحلتهم العلاجية، ما هي أبرز التحديات التي تواجه صحة الأسرة وبالأخص صحة النساء أثناء فترة جائحة كوفيد-19 المستمرة؟

أحدثت جائحة كوفيد-19 تحولا غير متوقع في الوصول إلى الرعاية الصحية وتنظيم الخدمات الصحية للعائلات، بما في ذلك النساء والأطفال. بحيث تم تحويل موارد الرعاية الصحية في بعض الأوقات لدعم متطلبات واحتياجات الرعاية الخاصة بكوفيد-19. في بداية آذار الماضي، أي منذ بداية الجائحة، تم توقيف تقديم كافة خدمات الرعاية الصحية الأولية بسبب الحظر الشامل، ولوحظ حينها أن الأسر والعائلات لم تستطع الوصول لأي من خدمات الرعاية الصحية الأولية وبنفس الوقت لم تتمكن من الاتصال بمقدمي الخدمة للاستفسار عن ظروفهم وحالاتهم الصحية. في تلك الفترة، أُغلقت كافة مراكز الرعاية الصحية الأولية والعيادات الخاصة، وأتيح فقط خيار غرف الطوارئ للحالات الاضطرارية، وعليه لم تتوفر للنساء الحوامل أي خدمات صحية وتم تأخيرها، بالإضافة لعدم إمكانية وصول النساء لخدمات تنظيم الأسرة وتأمين احتياجاتهن، إلى أن حُلت هذه المسألة جزئيًا بعد فترة زمنية من خلال السماح للصيدليات بفتح أبوابها وتزويد المواطنين بالأدوية ومستلزمات وسائل تنظيم الأسرة. وحتى بعد أن استأنفت المراكز الصحية والعيادات نشاطها وعملها، ترددت النساء في العودة مجددًا لتلقي الخدمات خوفًا من الإصابة بالفيروس. ومن هنا أستطيع القول بأن التوفير والتزويد المستمر لخدمات الرعاية الصحية الأولية الخاصة بالنساء والأطفال والمراهقين شكل تحديًا غير مسبوق وفق الظروف الصعبة لمواجهة الجائحة وتخفيف آثارها.


2. أطلعينا دكتورة على رؤيتك وانعكاساتك حول النظام الصحي بالأردن، بما في ذلك كيفية استجابته للجائحة، وأبرز النجاحات التي حققها بالإضافة لأبرز الاجراءات التي تم العمل على تحسينها؟

اتخذت الحكومة الأردنية خطوات فورية واستباقيه عندما بدأت جائحة كوفيد-19 في العالم، ففي نهاية شهر كانون الثاني الماضي وتحديدًا في 26 كانون الثاني 2020، خصصت وزارة الصحة الأردنية واللجنة الوطنية للأوبئة عددًا من المستشفيات لعلاج حالات كوفيد-19، بالإضافة لتطويرها مجموعة من الإجراءات والبروتوكولات للتعامل مع الفيروس في حال وصوله الى الاردن. حيث جاءت هذه الأفعال كافةً قبيل تسجيل الحالة الأولى في الأردن بخمسة أسابيع، والتي سجلت تحديدًا في الثاني من آذار الماضي.

 

في 17 آذار قامت الحكومة الأردنية باتخاذ العديد من التدابير الاحترازية الإضافية، شملت تفعيل قانون الدفاع الصادر سنة 1992 والذي تم بموجبه تعطيل جميع المؤسسات والإدارات الرسمية والقطاع الخاص باستثناء القطاعات الحيوية والقطاع الصحي، ومنع المواطنين من مغادرة المنازل إلا في حالات الضرورة القصوى. كما قامت الجهات المختصة في الأردن بتشديد الرقابة والإجراءات الوقائية على جميع المعابر والمنافذ الحدودية وصدرت تعليمات بالحجر الصحي الإجباري لكل الأردنيين القادمين إلى المملكة. كما قامت الحكومة الأردنية أيضا بتشكيل خلية أزمات تعمل على مدار الساعة، لمتابعة التطورات المتعلقة بانتشار الفيروس في الأردن.

 

وفي هذه الاثناء تم تطوير الخطة الوطنية للاستجابة لجائحه كورونا والتي يتم تحديثها باستمرار وعملت وزاره الصحة على تكثيف حملات التوعية للوقاية من المرض وتفادي الإصابة به. بشكل مستمر ايضا، تعمل وزارة الصحة على تدريب وتأهيل الكوادر الصحية العاملة في مجالات التقصي والتتبع، التشخيص، علاج الحالات المصابة بكوفيد-19، ضبط العدوى ومنعها، بالإضافة إلى تدريب وتزويد فنيي المختبرات وتمكينهم من إجراء فحوصات الكشف على الفيروس بهدف زيادة قدرة المختبرات على فحص المزيد من العينات، وأخيرًا تم توفير أدوات ووسائل الحماية الشخصية لمقدمي الرعاية الصحية.

 

كما عملت الحكومة الأردنية على زيادة فعالية أداءها في مواجهة الجائحة الحالية من خلال الإشراك والتشبيك مع القطاع الخاص وبناء وتحضير المستشفيات الميدانية، وما زالت مستمرة في بناء قدراتها حتى اليوم، ومثالًا أذكر التوسع المستمر في اجراء الفحوصات بهدف وقف انتشار العدوى.


3. بصفتك مستشار الصحة والسكان في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في الأردن، نوّد أن تطلعينا على الأثر الذي قدمته المشاريع الممولة من الوكالة في قطاع الرعاية الصحية، من خلال سرد مجموعة أمثلة تمثل مساهماتهم وإنجازاتهم المتعلقة بجودة الرعاية الصحية والاستعداد المسبق لحالات الطوارئ.

سأقوم بتسليط الضوء أدناه على بعض الأعمال التي أنجزتها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية من خلال إعادة توجيه برامج الصحة بأكملها تقريبًا لدعم الحكومة الأردنية في خطتها للتأهب والاستجابة للجائحة وكل ذلك تم ونحن نعمل عن بعد، فمنذ البداية وبالتعاون مع وزارة الصحة الأردنية ومنظمة الصحة العالمية، عملت الوكالة على على رئاسة مجموعات عمل مع عدد من الجهات المانحة لتنسيق الجهود الداعمة بين الجميع، وتوجد مجموعه عمل لكل ركيزة من ركائز خطة الاستجابة الوطنية للجائحة.

 

  • دعمنا وزارة الصحة بتعزيز قدرات مقدمي الرعاية الصحية لعلاج الحالات، وعلى وجه التحديد، تدريب أخصائي العناية الحثيثة والتنفسية من قِبل ثلة من أكفأ المدرّبين المحليين والأردنيين الأمريكيين الذين يعملون في بعض أفضل المستشفيات في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن خلال هذه التدريبات الناجمة عن التبادل الثنائي بين البلدين لخبرات التعامل والعلاج مع الحالات الحرجة المصابة بكوفيد-19، استفاد أكثر من 2400 طبيب وممرض من مقدمي الخدمات الطبية.
  • درّبنا أكثر من 9000 مقدم رعاية صحية في مختلف محافظات المملكة الأردنية على كيفية فحص وتشخيص حالات كوفيد-19 وتصنيفها ورعايتها، وأكثر من 1100 من العاملين في قطاع الرعاية الصحية على كيفية تطبيق أفضل الاحتياطات لضبط ومنع العدوى والسيطرة عليها للحد من انتشار الفيروس في منشآتهم الصحية.
  • عملنا على تقييم جاهزية عدد من المستشفيات والمراكز الصحية للتعامل مع حالات كوفيد-19، وذلك لتحديد  الثغرات وتطوير خطط عمل لتصحيحها، ووصل عدد هذه المؤسسات إلى 36 مستشفى و20 مركز صحي بهدف التأكد من قدرتهم على تشخيص وتحويل وعلاج الحالات المصابة بكوفيد-19 ورعايتها، وتطبيق الخطوات اللازمة لمعالجة الثغرات التي وجدت وحددت.
  • دعمنا قدرات المختبرات لتوسيع نطاق اجراء فحوصات الكشف عن الفيروس من 500 اختبار يومي في شهر آذار 2020 إلى أكثر من 25000 اختبار يومي حتى نهاية عام 2020.
  • أطلقنا حملة توعيه لتغيير السلوك الاجتماعي في الخريف الماضي، لتعزيز أهمية ودور المسؤولية الفردية في الارتداء الصحيح لكمامات الوجه والحفاظ على التباعد الجسدي الآمن، ووصلت هذه الحملة لحوالي 7 مليون مواطن أردني من خلال وسائل الإعلام التقليدية الصحف والراديو والتلفزيون، ووسائل الإعلام الرقمية كشاشات العرض الخارجي والمواقع الإلكترونية والرسائل النصية.

 

4. هل توقفت أنشطة وأعمال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أثناء جائحة كوفيد-19، وكيف تنوي الوكالة استمرار دعمها لبرامج كوفيد-19؟

أحد الأمثلة الجيّدة اذكرها كدليل على استمرار عمل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في ظل الجائحة هو استكمال مشروع توسعه طوارئ مستشفى البشير، ـحيث استمر العمل عليه دون انقطاع حتى بفترة الحظر الشامل، وتم افتتاح المستشفى في آب العام الماضي وتم في ذلك الوقت تخصيصها لاستقبال ورعاية حالات كوفيد-19 لفترة من الزمن.

بالإضافة لذلك، ومن خلال التمويل المشترك/حساب المانحين المتعددين، دعمت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إنشاء وحدة العناية الحثيثة وقسم إعادة التأهيل وتجهيز قسم الجراحة في مستشفيات البشير.

ولكن مع ذلك بالطبع، تعطل التقدم في أنشطة أخرى وتم تأجيل إنجازها لغايات التركيز على دعم متطلبات جائحة كوفيد-19، وعلى سبيل المثال، توقف مشروع تحضير مستشفيات البشير للاعتماد الممول من الوكالة والمنفذ من قبل مجلس اعتماد المؤسسات الصحية عن العمل لأهدافه الرئيسة للتركيز على تنفيذ أنشطة أخرى من شأنها الاستجابة لاحتياجات الجائحة، وأذكر من هذه الأنشطة شراء معدات ووسائل الحماية الشخصية لموظفي المستشفى وعقد تدريبات حول مواضيع ضبط ومنع العدوى.

واود ان انوه اننا سنستمر بتخصيص برامج وأنشطة للاستجابة لجائحة كوفيد-19، ولن نتوقف عن دعم استمرارية تقديم خدمات الرعاية الصحية الأساسية.

 

5. كيف تردين على المفاهيم الخاطئة والشائعات المغلوطة التي تنتشر حول جائحة كوفيد-19 وحول فعالية وسائل الحماية والوقاية من الفيروس مثل استخدام أدوات الحماية الشخصية والحفاظ على التباعد الجسدي وغيره؟

كوفيد-19 هو فيروس قاتل خطير! فالعديد من العائلات من حولنا فقدت أحد أحبائها!

 

على الناس أن تدرك أن أخذ الاحتياطات اللازمة ضرورة لحمايتهم ومن حولهم، أبسط طريقة للقيام بذلك هي الامتثال لتدابير منع العدوى المعروفة، الحفاظ على مسافة تباعد مع الآخر، ارتداء كمامة لتغطية الأنف والفم في حال تواجد حولك آخرين، وغسل اليدين بشكل مستمر ودوري.

 

ومن مقالي هذا أدعو وأحث الجميع للتسجيل على منصة التطعيم وأخذ اللقاح بمجرد توفيره لحالتك، ومن المهم أيضًا في حال تم اشتباه أحدهم بإصابته بالعدوى، أن يقوم بعزل نفسه على الفور ويسارع في اجراء الفحص، مع التأكيد على ان النتيجة السلبية لا تعني عدم الإصابة بالضرورة، ولذلك يجب الاستمرار بالعزل وإعادة إجراء الفحص مجددًا والتواصل مع وزارة الصحة الأردنية للحصول على الدعم والتوجيه.

 

قم بزيارة موقع وزارة الصحة الأردنية الإلكتروني، واعتمد هذا الموقع كمصدر لمعلوماتك!



الدكتورة نغم أبو شقرة

مستشارة الصحة والسكان / أخصائية إدارة المشاريع في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية

print