مركز الإعلام

سلامة المرضى أولًا!

سلامة المريض هو الرعاية الصحية التي تُقدَّم للمريض بدون أي إيذاء، أو خطأ طبي، أو حدث ضار ممكن أن يتعرض له، ويمكن بالمقابل الوقاية منه وحماية المريض من تعرضه لأي من أنواعه.

منذ عام 1999 عندما ألقى معهد الطب الأمريكي (Institute of Medicine) قنبلته وقدّر أن ما يصل إلى 98000 شخص يموتون في المستشفيات بسبب أخطاء طبية يمكن الوقاية منها كل عام، سعى قادة الرعاية الصحية إلى تحديد الحلول وتنفيذ برامج تحسين السلامة والجودة.

وعلى الرغم من هذه الجهود، ها نحن اليوم بعد عشرين عامًا من هذا التقرير لا يزال هناك حاجة للتحسين و بناء نظام صحي أكثر أمانًا مما هو عليه الآن، حيث تشير الدراسات في البلدان المتقدمة أن ما نسبته 10٪ من جميع حالات دخول المرضى للمستشفيات تؤدي إلى شكل من أشكال الايذاء للمريض، كما أظهرت كذلك أن ما يصل إلى 75٪ من أخطاء الرعاية الصحية هذه يمكن الوقاية منها!

بعيدًا عن المعاناة الإنسانية، يُعزى تقدير ما بين 5٪ إلى 10٪ من الإنفاق الصحي إلى الممارسات غير الآمنة؛ وأن هذه الأخطاء في الرعاية الصحية كانت ناتجة بشكل رئيسي عن فشل النظام الصحي وليس من قبل مقدمي الرعاية الصحية.

في دراسة بحثية أجرتها منظمة الصحة العالمية / المكتب الإقليمي للشرق المتوسط طُبقّت في 6 دول في إقليم شرق المتوسط (مصر والأردن والمغرب والسودان وتونس واليمن) لفتت الانتباه إلى ارتفاع معدل الوفيات والإعاقة الدائمة المرتبطة بالأحداث الضارّة في بعض بلدان الإقليم، كما وأظهرت الدراسة، التي أُجريت بين عامي 2005 و2008، بناءً على مراجعة السجل الطبي أن ما يصل إلى 18٪ من حالات قبول المرضى في بعض بلدان الإقليم مرتبطة بإلحاق ضرر بالمرضى نتيجة للرعاية الصحية التي يتلقونها، والتي تُقاس على أنها أحداث سلبية.

وللعلم، يتألف إقليم الشرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية من 22 دولة، تغطي فيها الأنظمة الصحية أكثر من 500 مليون نسمة، بحيث يوجد أكثر من 4500 مستشفى للقطاع العام، وأكثر من 4100 مستشفى للقطاع الخاص، بإجمالي عدد يقارب 800 ألف سرير مستشفى في القطاع العام، ويقدّر فيها المدخول السنوي بما يتعدى ال 30 مليون.

نستطيع القول بأن ليس كل أنواع الضرر التي يتعرض لها المريض أثناء تلقيه الرعاية الصحية هو خطأ طبي، كأن يأتي تساؤل.. هل إعطاء وحدة دم لمريض ليست من زمرته بسبب عدم وجود سياسة تعريف بالمريض في المستشفى هو خطأ طبي؟ ومن هنا تم الاتفاق على تسمية الإيذاء "بالحدث العرضي" كتعريف أشمل وأعمّ ويعرّف بالآتي:

  • • إيذاء غير مقصود.
  • • وقع الإيذاء بسبب طريقة إدارة الحالة للمريض، أي طريقة معالجته (إن كانت مبنية على افضل الممارسات الاكلينيكية، ويوفر بها تطبيق المعايير الفضلى والأدلة الإرشادية الحديثة).
  • • أن انتهت بوفاة المريض أو إصابته بعاهة دائمة أو مؤقتة، أو إطالة فترة إقامته بالمستشفى.

تعتبر سلامة المرضى عنصرًا أساسيًا وحيويًا في جودة الرعاية الصحية، ومع ذلك، فنحن لا ننكر بأن نظام الرعاية الصحية عُرضة لوقوع لأخطاء التي من الممكن أن تؤثر على سلامة المرضى، إلّا أن هذه الأخطاء تقع نتيجة لعيوب في الأنظمة الصحية ويمكن العمل على تحسينها بشكل مستمر.

فالمعنيين بسلامة المرضى هم كافة شرائح الطبقة المنخرطة في القطاع الصحي بدءً من إدارة المؤسسات الصحية، وصولًا إلى العاملين من أطباء وممرضين وصيادلة وباحثين وغيرهم، وصولًا إلى الشراكة مع الحكومات والهيئات التشريعية والتنفيذية في الدولة، انتقالًا إلى جمعيات حقوق المرضى ومنظمات المجتمع المدني المسؤولة وهيئات الاعتماد وكافة أصحاب المصلحة والشراكة، وانتهاءً بالمرضى أنفسهم وعائلاتهم والمجتمعات ككل، هذه المنظومة بشكل عام تعتبر هي المسؤولة عن ضمان تقديم رعاية آمنة في القطاع الصحي دون وقوع أي نوع من أنواع الضرر والإيذاء للمرضى.

شارك الأردن وشوهد بتميّزه الملحوظ لتنفيذه عدد من المبادرات، كان أهمها:

• دراسة لقياس الأحداث الضارّة (الإيذاء الذي يتعرض له المريض بصفة عامة) في الدول النامية عند تلقيه الرعاية الصحية بالمستشفيات و نشرت ب:

BMJ Journal
Patient safety in developing countries: retrospective estimation of scale and nature of harm to patients in hospitals BMJ 2012; 344 doi: https://doi.org/10.1136/bmj.e832 (Published 13 March 2012)Cite this as: BMJ 2012;344:e832)

• مبادرة المستشفى صديق سلامة المرضى

Patient Safety Friendly Hospital Initiative: from evidence to action in seven developing country hospitals
International Journal for Quality in Health Care 2012; pp. 1–8 10.1093/intqhc/mzr090 Advance Access published February 2, 2012

• التحدي الأول لسلامة المرضى: (نظافة الأيدي) رعاية نظيفة.. رعاية أكثر أمانًا، وتم تطبيقه على المستوى الوطني في الخامس من حزيران كل عام.

• التحدي الثاني لسلامة المرضى: جراحة آمنة تنقذ الأرواح، وتم اختيار مستشفى الامير حمزة لتطبيقها من ضمن 8 مواقع عالمية.

وقد برز اهتمام الأردن في أحد جوانب سلامة المرضى وهو علاج الخطأ بعد وقوع الضرر، من خلال استحداث قانون المسائلة الطبية، علمًا بأن 20% فقط من الأخطاء الطبية تعتبر إنسانية، ويقصد بذلك أنها وقعت بسبب العاملين في القطاع الصحي، بينما 80% منها يقع بسبب المنظومة الصحية بشكل عام، ومن هنا جاءت أولوية تحسين المنظومة الصحية باعتبار سلامة المرضى هي الأولوية القصوى لحماية المرضى من الأحداث العرضية والأخطاء الطبية، وعليه انطلقت مبادرة المستشفى صديق سلامة المرضى والمكوّن من 140 معيار قابل للقياس، ويتم تطبيقه حاليًا في بعض دول الشرق المتوسط وتم اعتماد مركزين فيهم لسلامة المرضى وهما سلطنة عمان والسعودية.

الدكتورة صفاء القسوس

مستشار إقليمي لمنظمة الصحة العالمية - الشرق المتوسط في مجال الجودة وسلامة المرضى

print Return